مستجدات المدرسة الرائدة بالمغرب برسم الموسم الدراسي 2025-2026

 

🏫 مستجدات المدرسة الرائدة بالمغرب برسم الموسم الدراسي 2025-2026


يشهد النظام التربوي المغربي منذ سنوات دينامية إصلاحية متواصلة تهدف إلى الارتقاء بجودة التعليم وتحسين مخرجاته، في انسجام تام مع الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 والقانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين.
وفي هذا الإطار، برز مشروع «المدرسة الرائدة» (Écoles Pionnières) باعتباره تجربة نموذجية تروم إرساء نموذج تربوي فعّال يضمن تعلمًا ذا جودة، ويعالج صعوبات المتعلمين بطريقة مبتكرة قائمة على الدعم حسب المستوى (Teaching at the Right Level – TaRL).
ومع انطلاق الموسم الدراسي 2025-2026، برزت مجموعة من المستجدات التربوية والتنظيمية التي تُعدّ مرحلة جديدة في مسار تعميم هذا المشروع الطموح على الصعيد الوطني.


🔹 أولاً: توسيع قاعدة المدارس المنخرطة

عرف مشروع المدرسة الرائدة توسعًا ملحوظًا هذه السنة، إذ انتقل عدد المؤسسات المنخرطة من نحو 2600 مدرسة إلى ما يقارب 4000 مؤسسة ابتدائية موزعة على مختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
ويهدف هذا التوسيع إلى ترسيخ مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص في التعلم، مع إيلاء أهمية خاصة للمؤسسات القروية والمناطق ذات الخصاص.
كما تم تعزيز شبكة التأطير التربوي عبر تكوين إضافي للمفتشين والمديرين والمنسقين، قصد ضمان تنزيل متوازن وفعّال لمختلف مكونات المشروع.


🔹 ثانيًا: مستجدات التقييم والتتبع التربوي

اعتمدت وزارة التربية الوطنية خلال الموسم الحالي تعديلات نوعية على أدوات التقييم المعتمدة داخل مدارس الريادة، من أبرزها:

  1. تبسيط مكونات التقييم:

    • حذف مستويات الفهم بالعربية والفرنسية والمسألة بالرياضيات من مرحلة «الموضعة»، لتصبح مقصورة على مهارات الأداء.

  2. اعتماد أسئلة موضوعية دقيقة:

    • صياغة أسئلة الفهم على شكل اختيار من متعدد (QCM) لتقليص هامش الخطأ وضمان الموضوعية.

  3. الانتقال المشروط بالمستوى الأعلى للأداء:

    • لا يُسمح بانتقال المتعلم إلى مرحلة الفهم أو المسألة إلا بعد بلوغ أعلى مستوى أداء في مرحلة الموضعة.

  4. تفعيل التقييم التكويني المستمر داخل الحصص الدراسية من أجل رصد التعثرات مبكرًا وتصحيحها بشكل فردي أو جماعي.

هذه المستجدات تهدف إلى جعل عملية التقييم أداة لتوجيه التعلم، لا مجرد وسيلة للحكم على المتعلم.


🔹 ثالثًا: التركيز على الدعم التربوي حسب المستوى (TaRL)

يشكل منهج TaRL أحد الركائز الجوهرية لمشروع المدرسة الرائدة، إذ يقوم على تقسيم المتعلمين إلى مجموعات حسب مستوى تمكنهم الفعلي في الكفايات الأساسية (القراءة – الكتابة – الحساب).
وفي هذا الموسم، تم:

  • تنظيم حصص دعم يومية موجهة للمتعثرين داخل الزمن المدرسي.

  • إعداد دلائل بيداغوجية خاصة لتأطير أنشطة الدعم.

  • توزيع وسائل تعليمية رقمية مساعدة على التعلم النشط.

  • تتبع أداء كل مجموعة من طرف الأستاذ والموجه التربوي وفق شبكات تقييم محددة.

هذه المقاربة أثبتت نجاعتها في رفع نسب التمكن القرائي والحسابي بالمؤسسات الرائدة خلال الموسمين السابقين، مما شجّع على تعميمها.


🔹 رابعًا: العدالة المجالية وتجهيز المؤسسات

حرصت الوزارة على جعل الموسم 2025-2026 موسماً لترسيخ العدالة المجالية في تعميم مدارس الريادة، من خلال:

  • إعطاء الأولوية للوسط القروي والمؤسسات ذات الهشاشة التربوية.

  • تحسين التجهيزات الرقمية والمعدات الديداكتيكية داخل الفصول.

  • تأهيل البنيات التحتية عبر شراكات مع الجماعات الترابية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ورغم التقدم المحرز، ما تزال بعض المؤسسات تواجه تحديات في الصيانة والتجهيز الرقمي، وهو ما يستدعي دعمًا إضافيًا من الشركاء المحليين.


🔹 خامسًا: المستجدات البيداغوجية والوسائل التعليمية

تم تحيين لائحة الكتب المدرسية المعتمدة داخل مدارس الريادة، مع اعتماد مناهج أكثر تركيزًا على الكفايات الأساس ومهارات التفكير الناقد والإبداع.
كما تم إطلاق منصات رقمية تعليمية جديدة تمكّن الأساتذة من تقاسم الموارد والدروس النموذجية، مثل:

  • منصة taalim.ma الخاصة بالدلائل البيداغوجية.

  • منصات Google Classroom وTeams Education لتبادل الأنشطة الصفية.


🔹 سادسًا: التكوين المستمر للأساتذة

يعد التكوين ركيزة أساسية لنجاح المشروع، إذ تم برمجة تكوينات جهوية حول:

  • بيداغوجيا الدعم حسب المستوى (TaRL).

  • استثمار معطيات التقييم القبلي.

  • إدارة الصف النشط وتنويع الطرائق التعليمية.

  • إدماج الموارد الرقمية في التعليم.

كما تم إحداث شبكات تعلم مهنية بين الأساتذة داخل المؤسسة الواحدة لتبادل الممارسات الناجحة.


🔹 سابعًا: التحديات والآفاق المستقبلية

رغم التقدم الملحوظ في توسيع مشروع المدرسة الرائدة، فإن تنزيله الميداني يواجه بعض التحديات، أبرزها:

  • تفاوت الإمكانيات بين المؤسسات الحضرية والقروية.

  • محدودية الموارد الرقمية واللوجستيكية.

  • الحاجة إلى مزيد من التحفيز للأساتذة العاملين في البيئات الصعبة.

غير أن الإرادة الإصلاحية، والدعم المؤسسي، والانخراط المتزايد للأطر التربوية تبشّر بمستقبل واعد لهذا المشروع الوطني الطموح.


تُعدّ المدرسة الرائدة خطوة متقدمة نحو مدرسة مغربية جديدة، قادرة على ضمان تعلم فعّال ومنصف لكل طفل.
إن مستجدات موسم 2025-2026 تؤكد انتقال المشروع من مرحلة التجريب إلى مرحلة الترسيخ والتعميم، في أفق جعل كل مدرسة مغربية "رائدة" في أدائها وتفاعلها مع محيطها.

ويبقى الرهان الحقيقي هو ترسيخ ثقافة الجودة والمسؤولية المشتركة بين جميع الفاعلين التربويين من أجل مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص التي ينشدها المغاربة.


✍️ إعداد:
الأستاذ لفريحي المصطفى – Prof. Lafryhi El Mostafa
مدون تربوي، مبرمج تطبيقات تعليمية، وفاعل في مشروع «مدارس الريادة».

📚 المصدر: وزارة التربية الوطنية – بوابة taalimprimaire.com – educa24.ma – madrasara2ida.com
📅 تاريخ النشر: أكتوبر 2025



إرسال تعليق

أحدث أقدم